تشير تقارير حديثة إلى أن قطاع السيارات الكهربائية في الصين، رغم النمو السريع في الصادرات والطلب العالمي، يواجه مرحلة حرجة قد تؤدي إلى اختفاء عدد كبير من العلامات التجارية القائمة حالياً. وفقاً لمحللين، فإن عام 2026 قد يشهد انكماشاً كبيراً في السوق المحلية وضغوطاً مالية تؤدي إلى خروج العديد من الشركات.
تراجع الدعم الحكومي وتغير السياسات
قطاع السيارات الكهربائية في الصين استفاد خلال السنوات الماضية من دعم حكومي مكثف، مما ساعد في تسريع الانتشار وتقديم حوافز مثل الإعفاء الكامل من ضريبة الشراء ومكافآت مالية للمشترين. مع اقتراب نهاية هذه الحوافز في شكلها الحالي وتراجع الدعم المالي تدريجياً، فإن العديد من الشركات تجد نفسها غير قادرة على تحقيق الربحية دون الاعتماد على حوافز الدولة. وسيبدأ تطبيق اعفاء ضريبي مخفّض بنسبة 5 بالمئة بدلاً من الإعفاء الكامل في بداية العام المقبل، على أن يعود الخيار الكامل في 2028، مما يزيد من تكلفة الشراء على المستهلك ويقلل الطلب. هذا التغير في السياسة يشكل ضغطاً مباشراً على الوافدين الجدد في السوق وكذلك على الشركات التي لم تحقق أرباحاً بعد.
سوق مكتظ وتنافس شديد
الصين تضم عشرات العلامات التجارية للسيارات الكهربائية، وقد أصبحت المنافسة على أشدها مع دخول لاعبين كبار إلى الأسواق العالمية. هذا التنافس ترافق مع حرب أسعار قوية بين الشركات بهدف جذب المشترين، وهو ما أدى إلى تقليل هوامش الربح لدى العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لم تستطع تحقيق وفورات الحجم المطلوب. تتفاقم المشكلة بسبب إنفاق هذه الشركات مبالغ كبيرة على البحث والتطوير لتقديم نماذج متنوعة، وهو ما زاد من تكلفة التشغيل دون ضمان تحقيق مبيعات كافية لتغطية هذه التكاليف.
احتمال خروج ما يصل إلى خمسين شركة
تتوقع مصادر في الصناعة أن حوالي خمسين من الشركات الصينية التي تنتج سيارات كهربائية تخسر المال باستمرار، وقد تضطر هذه الشركات خلال العام المقبل إلى خفض حجم عملياتها أو التوقف عن العمل تماماً إذا لم تتحسن أوضاعها المالية بشكل سريع. ويتفق محللون على أن شركات مثل BYD، وسيريس، وLi Auto هي من بين القلائل القادرين على الاستمرار وتحقيق الربحية الفعلية في هذا السوق الصعب، بينما تواجه الشركات الأقل قدرة على المنافسة احتمال النفاد من التمويل في أي وقت.
تحديات الطلب المحلي وانخفاض مبيعات السيارات
السوق الصينية، وهو الأكبر في العالم، بدأ يشهد علامات تباطؤ في الطلب المحلي على السيارات الكهربائية والسيارات بوجه عام. بيانات المبيعات تشير إلى أن نمو تسليمات السيارات قد يتراجع بحوالي خمس بالمئة في العام المقبل، وهو الانخفاض الأكبر منذ عام 2020. هذا التراجع في الطلب يعكس تشبع السوق وعبء المنافسة، ويجعل من الصعب على الشركات الصغيرة أن تجد مساحة للنمو في ظل تراجع الدعم وتشديد المنافسة.
دور الشركات الكبرى في الاستمرار
رغم هذه التحديات، استطاعت بعض الشركات مثل Leapmotor أن تحصل على حقنات مالية واستثمارات من جهات كبيرة من بينها شركات دولية وشراكات محلية، مما يعزز قدرتها على التوسع والاستمرار في مواجهة الضغوط. هذه الشركات تخطط لتوسيع انتشارها في الأسواق الخارجية، وهو ما قد يمنحها منفذاً لتعويض ضعف الطلب في السوق المحلية.
توقعات المستقبل
بحسب دراسات سابقة، من المتوقع أن جزءاً صغيراً فقط من مجموع العلامات الحالية سيظل قادراً على المنافسة على المدى المتوسط والطويل، بينما ستواجه البقية ضغوطاً قوية قد تؤدي إلى خروجها نهائياً من السوق قبل نهاية العقد الحالي. هذا التطور يعكس مرحلة إعادة تنظيم عميقة في صناعة السيارات الكهربائية الصينية، حيث ستبقى الشركات القوية والأكثر كفاءة، بينما ستختفي الشركات التي فشلت في تحقيق التوازن المالي.






